في مواجهة ما يقرب من 200 دولة، منها 57 دولة إسلامية، تم تدمير غزة الصغيرة على يد الاحتلال الإسرائيلي الظالم، واستشهد الآلاف من الأبرياء وجُرحوا وشُرّدوا.
هذه الدول التي تدّعي الإنسانية وتعتبر نفسها من البشر! إن السكوت على مثل هذه الجرائم، فضلًا عن عدم الرد، هو جريمة لا تُغتفر، ومع الأسف فإن أغلب الدول متورطة في هذا الصمت، بل إن بعض الدول الخائنة وقفت إلى جانب إسرائيل وتقدم لها الدعم.
حتى الحيوانات تتحرك مشاعرها أمام هذه الجرائم، وتحاول إنقاذ الأطفال العالقين تحت الأنقاض، أما البشر فقد غفلوا إلى درجة أنهم لا يشعرون بشيء، بل يشاهدون قصف الأطفال والنساء والشيوخ وكأنه مشهد عادي.
أما تلك المنظمات الدولية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان، فهي اليوم صامتة تمامًا بشأن غزة؛ هذه المنظمات لا تُجيد سوى الصراخ بشأن "حقوق المرأة" في دول آمنة كأفغانستان، لكنها تغمض عينيها وتلجم لسانها عن الحديث عن حقوق النساء في غزة، مما يُظهر فشلها وسلوكها التمييزي، ويدل على أن هذه الجهات لا تهتم بالبشر، بل بمصالحها الخاصة فقط؛ وإلا لكان أقلّ ما يفعلونه هو إصدار صوت صغير كالكلب اعتراضًا على قنبلة إسرائيلية.
أما قادة كثير من الدول الإسلامية، فقد أصبحوا عديمي الغيرة لدرجة أنهم لا يرفعون صوتًا ضد إسرائيل، بل إن بعضهم يعترف بإسرائيل رسميًا ويقدم لها الدعم. ومن هذه الدول: مصر، تركيا، الأردن، الإمارات، المغرب، أذربيجان، البحرين، كازاخستان، تركمانستان، وأوزبكستان، حيث توجد سفارات إسرائيلية، وبعضها لا يزال يمدّ إسرائيل بالنفط والسلاح.
لا أفهم، ما هذا النوع من السياسة التي تُهمّش فيها الأصول الإسلامية ومبدأ "الولاء والبراء"، وتُتجاهل فيها السياسة القرآنية والنبوية، وتُداس فيها الأخوة الدينية؟! ما هذه السياسة التي تستغل فيها أمريكا وإسرائيل هؤلاء القادة لمصالحها وتجبرهم على اتخاذ مواقف ضد إخوانهم المسلمين، بينما لا يملكون حتى إغلاق سفارات إسرائيل في بلادهم؟
أقول: لا أظن أن ما أقوله مبالغة أو خلاف للواقع، فهؤلاء القادة ما هم إلا دُمى بيد أمريكا وإسرائيل، كما تلعب الفتيات بالدُمى، كذلك تلعب أمريكا وإسرائيل بهؤلاء القادة لمصالحها في كل وقت، فهم لا يملكون إيمانًا قويًا ولا غيرة على الدين. لذا يجب على الشعوب المسلمة أن تسعى لقيادة قوية وتُسقط هؤلاء الجبناء من الحكم بالقوة.
وبالنظر إلى حالة المسلمين اليوم، يمكن القول إن هذه هي أسوأ مرحلة مرّ بها المسلمون، وهي المرحلة التي أصبح فيها المسلمون أذلّ وأضعف من أي وقت مضى، كما جاء في الحديث الشريف:
الترجمة: روى ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن". فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". [سنن أبي داود: 4299]
الشرح: يعني أنه سيأتي على المسلمين زمان تتحد فيه الأمم الكافرة ضدهم، وينتزعون منهم عزتهم وكرامتهم، فسأل الصحابة: أذلك لأننا قلة؟ قال رسول الله: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء، لا قيمة لكم، لأن هيبتكم ستزول بسبب ضعف غيرتكم وتفرقكم، وسيُنتزع الخوف من قلوب أعدائكم، ويُلقى في قلوبكم حب الدنيا وكراهية الموت.
وحال الدول الإسلامية اليوم، التي عجزت عن نصرة إخوتها المسلمين في غزة، وتركوا أهلها وحدهم في وجه العدوان، سببه أن كل حاكم مشغول بكرسيه وسلطانه، غارق في متاع الدنيا، وقد فقد الإحساس والإيمان، مما جعله عديم الغيرة، ومنح العدو كإسرائيل جرأة على العدوان والحرب.
مولوي نورالحق مظهري